بسم الله الرحمن الرحيم
الداعية محمد راتب النابلسي
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين,
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا,
وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل
باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا
برحمتك في عبادك الصالحين .
إليك ما تشير إليه الآية :
أيها الأخوة الأكارم, مرَّت آيةٌ في هذه السورة، وهي قوله تعالى:
﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾
[سورة الإنسان الآية: 28]
الأسرُ هو الرباط، ويسمى الأسير أسيراً، لأنه يُربط ويقيَّد, ومعنى شددنا
أسرهم, أي أحكمنا خلقهم .
وقد مرَّ في بعض كتب الطب: أنَّ عظم الفخذ له عنق، وهذا العنق كما تعلمون
يتحمَّل من قوى الضغط ما يزيد عن مئتين وخمسين كيلو غراماً, أي أنَّ الإنسان
بعظمي الفخذ ولا سيما عنق الفخذ الموصول بالحوض يتحمل ضغطاً يقارب
الخمسمئة كيلو غرام، هذا القسم من العظم يعدُّ أمتن قسمٍ في
الجهاز العظمي في الإنسان
صورة لعظم الفخذ – منظر أمامي – توضح عنق الفخذ
أما طريقة ارتباط هذا العظم عظم الفخذ بعظم الحوض، فشيءٌ لا يصدق .
صورة توضح مفصل الورك ( المفصل الوركي الفخذي ) - مفتوح
أيها الأخوة الأكارم, لو جئنا بكرةٍ نحاسية وقسمناها أو شطرناها شطرين،
ثم أحكمنا إغلاقها، وفرَّغنا الهواء من داخلها، إن ثمانية أحصنةٍ يتحركون بجهتين
متعاكستين، لا يستطيعون فصل جزئها الأول عن جزئها الثاني, لماذا؟ لأنها
فرِّغت من الهواء، ولأن الضغط الخارجي يضغط عليها، وبهذه الطريقة البديعة
أُحكم عظم الفخذ بعظم الحوض, فلو نزعت العضلات، ولو نزعت الأربطة، ولو
أُّلغيت الأوتار، ولو أُلغي الجلد، ولم يبقَ إلا هذا العظم بمشاشته الكروية،
وهذا الحوض بتجويفه الكروي، فإن هذا العظم لا ينخلع من الحوض بسبب
أنه مفرغٌ من الهواء في داخله, لقد رُبِطَ عظم الحوض بعظم الفخذ بطريقةٍ محكمةٍ،
ولا سيما تلك المشاشة التي تدخل في هذا التجويف, هذه النقطة العلمية
تشير إلى قوله تعالى
﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾
صورة توضح ارتباط عظم الفخذ بعظم الورك
[سورة الإنسان الآية: 28]
قال بعض الأطباء: تعد ميناء الأسنان من القساوة بمكان، فهي بقساوتها تقترب
من الألماس، وفيها تحملٌ عجيب لقوى الضغط، وارتباط العظام بعضها ببعض،
شيءٌ يلفت النظر إذاً: هذا معنى قوله تعالى:
﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً﴾
[سورة الإنسان الآية: 28]
صورة لأسنان النصف الأيسر من الفكين العلوي و السفلي توضح
تاج السن (هو الجزء من السن الذي يغطى بالميناء) و جذر السن
(هو جزء من السن المغطى بالملاط)
ملاحظة : الصور مأخوذة من مرجع f-netter
والحمد لله رب العالمين