سؤال:
متى يكون صاحب البدعة مبتدعًا؟
الجواب:
صاحب البدعة : هو من صدرت منه بدعة ، حتى لو كان عالما ، فنقول هو صاحب بدعة ، يعني في هذا القول ، أو في هذا الفعل ، فصاحب البدعة كل من صدرت عنه البدعة .
والمبتدع هو من صدرت عنه البدعة، وقامت عليه الحجة بأنها بدعة، وأصر عليها.
وبالتالي " كل مبتدع صاحب بدعة ، وليس كل صاحب بدعة مبتدع ".
وفرق العلماء بين الاثنين!
وترك التفريق بينهما يجعل الشخص يعامل الناس كلهم معاملة المبتدعة أصحاب الأهواء .
فالاول لا يقال عنه أنه مبتدع ، ولا ينزل في حقه قضية الهجر ، ولا قضية ماورد في التعامل مع المبتدعة ، إنما يناصح ، ويعاشر ، ويوجه ، ويأخذ معه ويعطى؛ لأننا لازلنا نعتقد أن الحجة لم تقم عليه ، لازلنا نعتقد أنه ليس من المعاندين ، ليس ممن تبين له الحق والصواب ثم هو يعدل عنه.
بخلاف المبتدع تبين لنا بثبوت الشروط ، وانتفاء الموانع ، أن هذا الرجل يصر على باطله مع قيام الحجة عليه؛ فتبين لنا أنه من أصحاب الهوى ، إنه يتبع هواه ، وأنه لا يريد الحق .
فهذا شيء وهذا شيء ،
وبالتالي تنتبه في التعامل مع الناس .
والذي نشتكي منه أن بعض الأخوة هداهم الله يحكمون على الشخص انه صاحب بدعة ، ويعاملونه معاملة المبتدع فورا ، بل بعضهم يعامل صاحب البدعة الذي وقع في الخطأ ، معاملة المبتدع وكأنه الجهم بن صفوان ، وكأنه الجعد بن درهم ، وكأنه فلان أو فلان من كبار المبتدعة ،
وهذا لا ينبغي نحن اذا اتفقنا أن كل إنسان يخطيء ، فالخطأ قد يصدر من أي شخص، فإن تعاملنا مع الناس في أخطائهم ؛
بتوجيههم .
بإرشادهم .
بتوضيح الأمر لهم .
بدعوتهم للرجوع إلى الحق.
بدعوتهم إلى القول الحق.
بتأنيسهم ، لا بتنفيرهم ، لا بالتشديد عليهم ، إنما نترفق ونتكلم بحكمة ، وهكذه قليلا قليلا
لا يوجد أحد يستطيع ان يقول أنه لا يخطيء ، لكن انت المهم كيف تتعامل معه ،
ترى الناس بسبب الجهل ، بسبب سوء المعاملة ، يحصل عندهم نفرة من قبولك أنت ، لا من قبول الحق ، فأنت تظن انهم نفروا من الحق ، وهم لم ينفروا من الحق إنما نفروا منك.
في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ، جاءه سؤال من جيزان ، سئل الشيخ ما الحكم في من يقول اليوم ما عندنا دين ؛ حيث كانوا في الجدول الدراسي لا يكتبون : فقه ، وتوحيد ، وعقيدة ، ماذا يكتبون ؟! مادة دين ، مادة لغة ، ويتركون للأستاذ التقسيم الخاص ، فالطلبة كانوا يقولون : اليوم ما عندنا دين ، اليوم ما عندنا عقيدة ، فبعض الناس استشكل هذا "اليوم ما عندنا عقيدة ، لايوجد دين ، لايوجد عقيدة " ، فرفعوا إلى الشيخ محمد بن إبراهيم يسالونه ماحكم من يقول هذا ؟
فقال الشيخ : القائل يقصد المادة ، ولا يقصد الدين ، وقد يصدر من الشخص أنه يقول: أنا لا أقبل دينك ، وهو لا يعني لا يقبل الإسلام ، لكن لا أقبل طريقتك انت في التعامل مع الدين ، قالوا: هذا لا يكفر ، ولا يخرج من الملة لأن هذا هو مراده
فتنتبه هذه أمور يعني حساسة جدآ في التعامل مع الناس .
هذا من الشيخ محمد بن إبراهيم يقول هذا الكلام ، ويراعي ويقول انهم يقصدون كذا لا يقصدون كذا ، يريدون كذا ، وما أطلق الكلام أن هذا كفر أكبر مخرج من الملة ، لأن هذا ليس مراده ، إنمأ مراده طريقة هذا الشخص في التعامل مع الناس ، فيقول: انا لا اريد هذا الدين ، ما اريد دينك يا أخ اذهب انت ودينك ،يعني طريقتك ، اسلوبك في فهم الدين الشيخ قال: هو ليس كافر ، لأنه يقصد طريقة الشخص في التعامل مع الناس بالدين الذي هو يظنه(1)
ولذلك لا تعجب من أحد يقول: أنا لا اريد السلفية، هو لا يقصد السلفية!
الناس أهل الإسلام يحبون كل شيء عن الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة ، لكن ما الذي يحصل؟!
طريقتنا في العرض ، طريقتنا في تقديم السلفية للناس ، تنفرهم !
تأتيني استفتاءات : شاب ملتزم ، يصلي وكذا وو... ، يأخذ من صاحب البقالة بالسنة ولا يرد ولا يسدد ، ويأخذ من فلان دين ولا يسدد .
ماذا تريد الناس يتعاملوا معك؟
ماذا تريد من الناس أن يحكموا على لحيتك ، وعلى تقصيرك للثوب؟
ماذا تريد الناس أن تحكم عليك عندما يرونك تصلي وهذه معاملتك؟
ماذا تريد من الناس أن يصنعوا ؟ !
هل هذا هو دين يرتضيه الناس؟
هل هذا دين يرتضيه الله؟
هل هذا هو الذي الله أمرنا به؟
فهذا موضوع ينبغي أن نراعيه، وتنتبه له في حكمنا على الناس، وتعاملنا معهم، والله المستعان .
فرغه أكليل الجبل من لقاء 3/ 6 / 1438هـ، جزاه الله خيراً، ووثق النقل من فتاوى ابن إبراهيم ، رحمه الله.