بسم الله الرحمن الرحيم
بلا مقدمات أيقن :
أن القرآن سبيل الهداية والعز والكرامة والسعادة والأنس والشفاء - بجميع أنواعه - والإستغناء عن الناس والنصر والتبصرة...في يقينيات لا منتهى لها يجب أن تسكن كل واحدٍة منها قلبك .
( القرآن كلام الله )
هل استحضرت هذا الأمر ؟
هل عرفت معناه على الحقيقة ؟
هل تعاملت معه على أنّه كلام جليل مجيد عظيم لا نهاية لعظمته ؟
هل أيقنت أنّك به تنال كل خير ، ويُصرف عنك كل شر ؟
* كيف تجعل قلبك يتأثر بالقرآن *
كثيراً مانقرأ القرآن ولا نتأثر به ، ونبقى على مانحن عليه من التقصير والجهل بكتاب ربنا ، تُرى ماهو السبب ؟
الأسباب كثيرة جداً لا يحتملها مقال واحد ولكنني لعلي أسلّط الضوء على سببٍ رئيسي - ألا وهو طريقة القراءة - ولذا سأذكر طريقةً - سأتناولها بنقاط - لعلها نافعةً عند تلاوة آيات القرآن وسبيلٌ للتأثر به ، فمنها :
- اقرأ - كتاب ربك - وكأنك أنت المخاطب به وأنت المُنادى والمُوَجْه بأوامره والمُبَشْر ببشائره والمُنْذَر من بأسه وغضبه وعذابه . قفْ عند شعورك بالتأثر وردد الأية التي تأثرت بها وأسمعها قلبك مراراً وأنفذها إلى فؤادك حتى تبلغ منتهاه وأيقن أنك لو بقيت مع هذه الآية منتفعاً بها خير لك من قراءة سورٍ كثيرة غيرها لأن الغاية من التلاوة هو صلاح النفس فربما كان هذا الوقوف والتأمّل هو سبب النجاة .
- اقرأ - كتاب ربك - وكأنه نزل للتو وكأنك تسمعه من نبيك محمد ﷺ . تذكّر محمداً ﷺ وقد أحاط به أصحابُه والقرآنُ ينزل عليه تذكّره وهو يتلوه بين أيديهم وفي الصلوات واستشعر سماعهم له وتأثرهم به ، عش لحظات التنزيل بوجدانك فإنّ لهذه الطريقة الأثر على القارئ .
- اقرأ - كتاب ربك - كما أمرك من أنزله بالترتيل :" ورتّل القرآن ترتيلاً " ترنم عند التلاوة وارفع صوتك حيناً واخفضه حيناً ورتل الآية التي تأثرت بها وأعدها وجمّل صوتك قدر استطاعتك ونصوص الشريعة قد أرشدت لذلك وحال صحابة نبيك وتشجيعه لهم على هذا دليل وبرهان لأثره ونفعه لقارئه .
- وأنت تتلو - كتاب ربك - حرّك قلبك عند وعده ووعيده فالقرآن مليء بهما فإذا مررت بآية فيها وعدٌ من الرحمن بالمغفرة والرزق والهداية فسل ربك من فضله ، وإذا مررت بآيات الجنان والنعيم المقيم عش معها وكأنك في جنتك قد ألقيت نصَبَ الدنيا وتعبها وشدة الحساب وراء ظهرك وكأنك تعيش بين أشجارها وظلالها وأنهارها تجري بين يديك ونعيمها العظيم قد فزت به فعندها تسأل الله ربك أن يجعلك من أهلها ، وإذا مررت بآيات الوعيد والتوعّد خفت ورجف فؤداك وسألت ربك العافية حتى إذا ماقرأت آيات النار والنكال ومافي جهنم من صنوف العذاب خشيت أن تكون من أهلها ففزعت إلى ربك وطلبته العافية .
- وأنت تتلو - كتاب ربك - استحضر الصور التي يذكرها القرآن والقصص التي يرجف لهولها الفؤاد فإن مررت بقصة نوح وهو ينادي ربه " أني مغلوب فانتصر " بثلاث كلماتٍ فقط تغرق الدنيا بمن فيها من الكفرة ولا ينجو إلا أهل الإيمان " فاستجبنا له " استحضر مشهد ندائه لابنه والرحمة التي انطلقت من الأب الرحيم وغطرسة الأبن وجهله وجوابه بغطرسة مآل صاحبها الهلاك " وحال بينهما الموج فكان من المغرقين " . وإذا قرأت قصة عادٍ استحضر تلك الريح العظيمة وهي تفتك بالطغاة الجبابرة فترفعهم ثم تهوي بهم فتجعلهم كأعجاز نخلٍ أُلقيت على الأرض فصارت بالية . إذا قرأت قصة ثمود وكيف كان عذابهم بصيحةٍ واحدة قد أهلكتهم فلم تذر منهم باقية . وإذا قرأت قصة موسى عليه السلام استحضر جداله لفرعون وشعور السحرة بالإيمان ومطاردة فرعون ونجاة موسى من البحر وغرق أجساد آل فرعون وطفووها على البحر تتبعهم لعنات أهل الأرض وأهل السماء..وهكذا في كل مشهد وصورة تمرّ عليك وأنت تتلو كتاب الله .
- وأنت تتلو - كتاب ربك - استحضر مشاهد الكون وعظيم الإبداع فيها وحرّك القلب عند ورودها ففيها دلائل من العظمة مايصغر معها كل مخلوق ويعظم معها قدر الخالق .
- وأنت تتلو - كتاب ربك - تتذكّر أجراً تحوزها وراحةً تشعر بها وطمأنينةً تسكن فؤادك . الأسباب كثيرة ولكني أرجو أنّ ما ذُكر هنا فيه الخير لي ولقارئه .