سورة الكهف من الآية( 26) من كتاب المتشابه من القرآن بقلم محمد علي حسن الحلي (رحمه الله تعالى) :
26 - (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) . وبقي الأمر مجهولاً بين النصارى والقرآن فالنصارى تقول ثلاث مائة سنة بلا زيادة ، والقرآن يقول وازدادوا تسعاً ، حتّى هذا الزمن فظهر أمرها وبان سرّها وهو أنّ الفرق بين الأشهر القمريّة والأشهر الشمسية ثلاث سنين لكل مائة سنة ، فتكون الزيادة تسع سنوات بحساب الأشهر الشمسية على القمرية ، فإذا نظرنا في تاريخ ولادة المسيح وهجرة النبي محمد(ع) نجد الزمن بينهما خمسمائة وثمانين سنة ، ومن ولادة المسيح إلى وفاته أربعين سنة ، وقد أخبر الله تعالى بأنّ أصحاب الكهف لبثوا بعد موتهم إلى نزول هذه الآيات ثلاثمائة وتسع سنوات . فإذا حذفنا هذا العدد وهو 309 من 580 يكون الباقي 271 فإذا أضفنا إليه مدة عمر المسيح وهو 40 سنة يكون الناتج 311 فإذا حذفنا من العدد 21 وهي المدة التي ناموا فيها بالكهف يكون الباقي 290 سنة بعد وفاة المسيح . وهذا تاريخ دخولهم في الكهف .
وقوله (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) أي بصّر الناس بأعمال الله وأسمعهم بأفعاله ليعرفوا قدرته فيعظّموه ويقدّسوه (مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ) يتولى أمرهم وشؤونهم (وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ) يوم القيامة (أَحَدًا) والمعنى لا تجعلوا لله شريكاً ولا شفيعاً لكم عند الله يوم القيامة فالحكم في ذلك له وحده لا يشرك في حكمه بين خلقه أحداً من الملائكة ولا من الأنبياء والمرسلين . ومما يؤيد هذا قوله تعالى في سورة البقرة {فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} .47 - (وَيَوْمَ) وقوف الأرض عن دورتها المحورية (نُسَيِّرُ الْجِبَالَ) أي نسيّر النيازك نحو الشمس فتجذبهنّ إليها. لأنّ جاذبيّة الأرض تنتهي بإنتهاء الحرارة التي في جوفها فحينئذٍ تفلت النيازك من جاذبية الأرض وتنقاد لجاذبية الشمس . ومثلها في سورة النبأ قوله تعالى {وسيّرت الجبال فكانت سراباً} أي تسير نحو الشمس كأسراب القطا .
(وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً) في الفضاء ، وذلك لأنّ الصالحين والمتقين من النفوس يصعدون إلى السماء حين وقوف الأرض عن دورتها المحورية مع الملائكة الموجودين اليوم على الأرض فإذا صاروا في السماء رأوا الأرض بارزة في الفضاء تدور حول الشمس ، والخطاب هنا للنبي . ثم أخبر الله سبحانه عن من مات من المشركين فقال (وَحَشَرْنَاهُمْ) أي جمعناهم في مكان لتعذبهم (فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) أي فلم نترك منهم أحداً . ومن ذلك قول عنترة :
كمْ مِن فارسٍ غادَرْتُ يَأكلُ لحمَهُ ..... ضارِي الذئابِ وكاسِراتُ الأنسُرِ .