هل مبدأ التلذّذ محرّم في الإسلام ؟ ما هي نظرة الإسلام إلى اللذّة وما هو موقفه منها ؟ حيث أنّ الدّين هو مجموعة من التكاليف الصعبة والشّاقة .
الجواب:
الحمد لله
لذات الدنيا ثلاثة أقسام
أحدها : لذة تعقب ألماً أعظم منها ، أو تفوّت لذة أكبر منها ، وهذه لذات العصاة الغافلين على اختلاف طبقاتهم كالمتلذّذين بالزنا وشرب الخمر والسّرقة ونحوهم ، وهم الذين يُقال لهم يوم القيامة ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها . . . ) سورة الأحقاف :20
الثانية : لذة لا تُعقب ألماً في الآخرة ولكنّ الانهماك بها يفوّت تبوّأ المنازل العالية ويُشغل عن تحصيل الأجر وهي لذات الغافلين المباحة التي لا يستعينون بها على الخير ولا يحتسبون بها ثوابا عند الله فهي خالية من نية العبادة ومعناها كالتوسع في المآكل والمشارب والمراكب والمنازل والسّفر والسياحة وما شابه ذلك مما ليس فيه ضرر ولا ارتكاب محرّم .
الثالثة : لذة يثاب العبد عليها ، وهي لذة خواص المؤمنين الذين يتمتعون بها على وجه القيام بواجب النفس وعلى وجه الاستعانة بها على طاعة الله ، وعلى وجه الانكفاف بها عن معاصي الله .
وبهذه المقاصد الجليلة تكون من قسم الطاعات ، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها أخرجه مسلم 2734 من حديث أنس . وقال فيها : ( وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) كما في حديث أبي ذر ، أخرجه مسلم ( 1006 ) .
فبين في الحديث أن التمتع بهذه الشهوات على وجه الحمد لله والاعتراف بفضله وقصد الانكفاف بها عن الحرام أجر وثواب عند الله ؛ فلله الحمد على منته . أنظر مجموع الفوائد لابن سعدي ص: 234
وبهذا نعلم أنّ في الإسلام لذّات مباحة كالمآكل والمشارب والملابس والمراكب المباحة ، ولذّات يؤجر عليها الإنسان ويُثاب عليها في الآخرة بالإضافة إلى تلذّذه بها في الدنيا كمن نوى بطعامه التقوّي على طاعة الله ونوى بنومه الاستعانة على قيام الليل وصلاة الفجر ونوى بوطئه زوجته إعفاف نفسه وإعفافها والاستغناء عن الحرام وابتغاء الولد ونوى بتكسّبه في التجارة والوظيفة الإنفاق على نفسه وأهله ووالديه ونحو ذلك ، والله أعلم